البابا يتلو صلاة التبشير الملائكي في كاستيل غاندولفو ويؤكد أن يسوع يدعونا إلى عدم الاستسلام أمام رفض الخير
تلا قداسة البابا لاوُن الرابع عشر ظهر اليوم الأحد في ساحة الحرية في كاستيل غاندولفو صلاة التبشير الملائكي. وانطلق في حديثه إلى المؤمنين قبل تلاوة الصلاة من إنجيل اليوم (لوقا ١٢، ٤٩-٥٣) والذي يُعرفنا بحديث يسوع إلى التلاميذ عن رسالته ورسالة مَن يتبعه، وذلك مستخدما صورا قوية وصراحة كبيرة حيث يتحدث عن أمر ليس بالسهل وآية معرَّضة للرفض. وقال البابا إن يسوع يشير هكذا إلى ما سيكون عليه أن يواجه في أورشليم حيث سيهان ويحاكَم ويُصلب، حيث ستُرفض رسالته رغم أنها تتحدث عن المحبة والعدالة، حيث سيجيب رؤساء الشعب بشراسة على تعليمه. وأراد الأب الأقدس هنا لفت الأنظار إلى أن الكثير من الجماعات التي كان لوقا الإنجيلي يوجه إليها كتاباته كان يعيش الخبرة ذاتها، حيث كانت وكما ذُكر في أعمال الرسل جماعات سلمية تحاول رغم محدوديتها أن تعيش بأفضل شكل رسالة محبة المعلم، إلا أن هذه الجماعات تعرضت رغم ذلك إلى الاضطهاد.
وواصل قداسة البابا أن هذا يُذكِّرنا بأن الخير لا يجد دائما ردا إيجابيا، بل يحدث أحيانا، ونظرا لأن جمال الخير يزعج مَن لا يقبلونه، أن يواجه مَن يفعل الخير معارضة قوية وصولا إلى التعرض إلى التعسف والظلم. وتحدث الأب الأقدس عن ان التصرف بالحق له تكلفة لأن هناك في العالم مَن يختار الكذب وأن الشيطان غالبا ما يستغل هذا لإعاقة أفعال الصالحين. إلا أن يسوع، واصل البابا لاوُن الرابع عشر، يدعونا، وذلك بمعونته، إلى عدم الاستسلام وإلى عدم التجانس مع هذه العقلية، بل إلى مواصلة العمل من أجل خيرنا وخير الآخرين وحتى خير مَن يجعلنا نتألم، إنه يدعونا إلى عدم الرد على العنف بالانتقام، بل إلى البقاء أمناء للحقيقة في المحبة. وسلط الأب الأقدس هنا الضوء على أن الشهداء قد أعطوا شهادة لذلك باذلين دماءهم من أجل الإيمان، وأضاف أننا نحن أيضا في ظروف وبأشكال مختلفة يمكننا أن نحاكيهم. وتابع قداسة البابا داعيا إلى التفكير على سبيل المثال في الثمن الذي على والد أن يدفعه عندما يريد تربية أبنائه بشكل جيد على أساس مبادئ صحيحة، فهو عليه عاجلا أو آجلا أن يكون قادرا على قول "لا" أو أن يصحح شيئا ما، وهذا سيسبب له معاناة. وينطبق الأمر ذاته على المعلم، قال البابا، حين يريد أن ينشئ طلابه بشكل صحيح، أو على صاحب مهنة أو راهب أو سياسي حين يعملون على تأدية رسالتهم بنزاهة، كما وينطبق هذا على أي شخص يجتهد كي يمارس مسؤوليته باستقامة حسب تعاليم الإنجيل.
هذا وعاد قداسة البابا إلى كلمات القديس اغناطيوس الأنطاكي التي وجهها إلى مسيحيي روما في طريقه إلى هذه المدينة التي سيستشهد فيها، حيث قال: لا أريد أن تكونوا مقبولين عند الناس، بل عند الله. كما وأضاف في رسالته هذه: إني أُفضل أن أموت مع المسيح من أن أملك أطراف المسكونة.
ثم ختم قداسة البابا لاوُن الرابع عشر حديثه إلى المؤمنين قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي داعيا إلى أن نطلب معا من مريم سلطانة الشهداء أن تساعدنا على أن نكون في أية ظروف شهودا أمناء وشجعانا لابنها، وأن نساند الأخوة والأخوات الذين يعانون اليوم من أجل الإيمان.
وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي أكد قداسة البابا قربه من سكان باكستان والهند ونيبال الذين تعرضوا لفيضانات عنيفة، كما وأكد صلاته من أجل الضحايا وعائلاتهم وجميع المتألمين جراء هذه الكارثة. وواصل البابا لاوُن الرابع عشر أنه يصلي كي تصل إلى نتائج الجهود الساعية إلى إنهاء الحروب وتعزيز السلام، وشدد على ضرورة أن يكون دائما في المركز الأول خلال المباحثات الخير العام للشعوب.