رسالة البابا إلى المشاركين في فعاليات الأسبوع المسكوني في ستوكهولم
توقف الحبر الأعظم في مستهل الرسالة عند مجمع نيقيا الذي أكد على ألوهية يسوع المسيح وهو الإيمان الذي ما يزال يوحّد جميع المسيحيين لغاية اليوم، وكان ذلك المجمع علامة شُجاعة للوحدة وسط الاختلافات، وكان بمثابة شهادة على القناعة بأن إعلان الإيمان المشترك يمكن أن يتخطى الانقسامات ويعزز الشركة. أما بالنسبة للمؤتمر المسكوني الذي انعقد في ستوكهولم لقرن خلا، فأشار لاون الرابع عشر إلى أن من شاءه كان رئيس أساقفة أوبسالا اللوثراني ناثان سودربلوم، الذي كان من رواد الحركة المسكونية.
وقد جمع اللقاء حوالي ستمائة من القادة الروحيين الأرثوذكس واللوثران والبروتستنت، تابع البابا رسالته، وكان سودربلوم مقتنعا بأن الخدمة توحّد ودعا أخوته في الإيمان إلى عدم انتظار التوصل إلى توافق حول كل النقاط اللاهوتية بل إلى الاتحاد في الإيمان المسيحي العملي، كي يخدموا العالم معاً بحثاً عن السلام والعدالة والكرامة البشرية. وأوضح البابا أن الكنيسة الكاثوليكية لم تكن ممثلة في اللقاء الأول، لكن من المؤكد أنها تقف إلى جانب باقي الكنائس، وهي تدرك أن ما يوحّد تلامذة المسيح هو أكبر بكثير مما يفرقهم.
هذا ثم كتب لاون الرابع عشر أن الكنيسة الكاثوليكية، ومنذ المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، عانقت المسيرة المسكونية، كما أن المجمع دعا إلى الحوار المسكوني بروح الوداعة والمحبة الأخوية استنادا إلى المعمودية المشتركة ورسالة المسيحيين في العالم. وأضاف أن الوحدة التي يريدها المسيح لكنيسته ينبغي أن تكون وحدة مرئية، وهي تنمو من خلال الحوار المسكوني والعبادة المشتركة حيث أمكن والشهادة للإيمان وسط البشرية المتألمة.
بعدها توقف البابا عند موضوع الأسبوع المسكوني في ستوكهولم ألا وهو "لقد آن الأوان لسلام الله"، وقال إن هذا الموضوع هو آني جداً اليوم، لافتا إلى أن عالمنا يحمل ندبات الصراعات وعدم المساواة والانحطاط البيئي والشعور المتنامي بانعدام التواصل الروحي. وأضاف أن السلام ليس فقط نتيجة لجهد بشري، بل هو أيضا علامة لحضور الله بيننا، وهذا وعد وواجب ينبغي أن يسعى من أجله المسيحيون وأن يكونوا صانعين للمصالحة، وأن يواجهوا الانقسامات بالشجاعة، واللامبالاة بالرأفة، وأن يحملوا الشفاء حيثما يوجد الألم.
تابع البابا لاون الرابع عشر رسالته إلى المشاركين في اللقاء مستذكراً الزيارة التي قام بها يوحنا بولس الثاني إلى السويد في العام ١٩٨٩ وكان أول حبر أعظم في التاريخ يزور هذا البلد، وقد لقي البابا فويتيوا ترحيباً حاراً من الكنيسة المحلية، وقد بدأ آنذاك فصل جديد من العلاقات الكاثوليكية اللوثرية. وقد شهد العام ٢٠١٦ الاحتفال المشترك في "إصلاح لوند" حيث صلى البابا فرنسيس مع القادة الروحيين اللوثران، وأكد الطرفان آنذاك على التزامهما في السير على درب تقود من الصدام إلى الشركة. وقال لاون الرابع عشر إن وفد الكنيسة الكاثوليكية إلى الأسبوع المسكوني في ستوكهولم يعكس التزام كنيسة روما في الصلاة معاً والعمل معاً لصالح السلام والعدالة وخير الجميع.
في ختام رسالته سأل البابا الروح القدس الذي ألهم أعمال مجمع نيقيا عام ٣٢٥ أن يستمر في قيادة خطواتنا جميعاً، وأن يعمّق الروابط المشتركة، وأن يوقظ فينا رجاءً نضراً في الوحدة التي شاءها الرب أن تكون بين أتباعه، ثم سأل لاون الرابع عشر الرب يسوع أن يمنح سلامه للجميع.