البابا يستقبل المشاركين في حج مسكوني كاثوليكي أرثوذكسي لمؤمنين قادمين من الولايات المتحدة
استهل الحبر الأعظم خطابه مرحباً بضيوفه ومعرباً عن سروره للقائهم في إطار رحلة الحج المسكونية التي يقومون بها وقال إنهم انطلقوا من الولايات المتحدة، مسقط رأس البابا، ليقوموا بزيارة تهدف إلى العودة إلى الينابيع، إلى الأماكن التي عاش فيها القديسان بطرس وبولس في روما، وحيث عاش القديس أندراوس في القسطنطينية. كما أن الزيارة ترمي إلى اختبار الإيمان بطريقة جديدة وملموسة عن طريق الإصغاء إلى كلمة الإنجيل، التي نقلها إلينا الرسل. ولفت لاون الرابع عشر إلى أن زيارة الحج المسكونية هذه تتم تزامناً مع إحياء الذكرى المئوية السابعة عشرة لانعقاد مجمع نيقيا، مشيرا إلى أن رمز الإيمان الذي تبناه آباء المجمع يبقى – إلى جانب الإضافات التي أدخلها مجمع القسطنطينية عام ٣٨١ – الإرث المشترك للمسيحيين كافة، حيث يبقى قانون الإيمان جزءاً أساسياً من احتفالاتهم الليتورجية. وأضاف البابا أن الروزنامتين اللتين تستخدمهما الكنيستان تتوافقان هذا العام، ما سمح لنا بأن ننشد في عيد الفصح معاً قائلين "المسيح قام، حقاً قام". بعدها أكد لاون الرابع عشر أن هذه العبارات تعلن أن الحمل الذي ذُبح، وهو ربنا يسوع المسيح، انتصر على الخطية والموت. وهذا الواقع يمنحنا رجاءً عظيماً، إذ نعلم أن هناك من يسمع صراخ ضحايا العنف الأبرياء وأنين الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن. وذكّر البابا ضيوفه في هذا السياق بأن رجاءنا هو في الله، لأننا نستقي دائماً من ينبوع نعمته، ونحن مدعوون لأن نكون شهوداً لهذا الرجاء وأن ننقله إلى الآخرين. ولفت إلى أن الكنيسة الكاثوليكية تحتفل بالسنة اليوبيلية تحت شعار اختاره البابا الراحل فرنسيس ألا وهو "حجاج رجاء"، وتوجه لاون الرابع عشر إلى وفد الكنيسة الأرثوذكسية متمنياً أن تثبّت زيارة الحج ضيوفه في الرجاء الناتج عن إيماننا بالرب القائم من بين الأموات. هذا ثم قال الحبر الأعظم إن ضيوفه، وخلال زيارتهم إلى روما صلوا عند ضريحي الرسولين بطرس وبولس، وطلب منهم، إذ يستعدون لزيارة القسطنطينية، أن ينقلوا للبطريرك برتلماوس الأول تحياته وعناقه المفعم بالسلام، مذكراً بأن هذا الأخير شارك في قداس بداية حبريته. وعبر البابا عن أمنيتنه بأن يلتقي بالحاضرين مجدداً، بعد بضعة أشهر، خلال إحياء ذكرى مجمع نيقيا المسكوني. مضى الحبر الأعظم إلى القول إن الزيارة التي يقوم بها ضيوفه تُعتبر من بين الثمار الوافرة التي أعطتها الحركة المسكونية الهادفة إلى تحقيق الوحدة التامة بين تلاميذ المسيح تماشياً مع الصلاة التي رفعها الرب إلى الآب خلال العشاء الأخير كي يكونوا كلهم واحدا. وقال إننا أحياناً نعتبر أن أشكال المقاسمة هذه هي من المسلمات، ومع أننا لم نبلغ بعد الوحدة التامة، لقد طُبعت العقود الماضية بالتقدم اللاهوتي وعلى صعيد الحوار. وذكّر لاون الرابع عشر بأنه في السابع من كانون الأول ديسمبر ١٩٦٥، وعشية اختتام أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، قام البابا بولس السادس والبطريرك أثيناغوراس بالتوقيع على إعلان مشترك يزيل الحرم المتبادل بين الكنيستين، الذي أُطلق في أعقاب أحداث العام ١٠٥٤. وأوضح الحبر الأعظم أنه ما كانت زيارة من هذا النوع قد تحققت لو لم يتم التوقيع على الإعلان المذكور، مشيرا إلى أن عمل الروح القدس خلق في القلوب الاستعداد لاتخاذ هذه الخطوات كتوقع نبوي للوحدة التامة والمنظورة. كما لا بد أن نبتهل من الروح القدس، باستمرار، نعمة السير قدماً في درب الوحدة والمحبة الأخوية، مدركين أن الوحدة بين المؤمنين بالمسيح هي من بين علامات هبات الله. وحذّر البابا من سعي روما والقسطنطينية إلى التفوق، كي لا يجد المسيحيون أنفسهم كالتلاميذ الذين كانوا يتجادلون فيما بينهم بشأن من هو الأعظم، في وقت كان فيه الرب يحدثهم عن آلامه وموته. تابع لاون الرابع عشر كلمته مذكراً بأن البابا فرنسيس، عندما أعلن عن السنة اليوبيلية، أكد أنها ينبغي أن تقود خطواتنا نحو احتفال هام بالنسبة للمسيحيين، ألا وهو العام ٢٠٣٣ عند سيُحتفل بالألفية الثانية للخلاص، الذي تحقق بفضل آلام وموت وقيام الرب يسوع المسيح من بين الأموات. وقال البابا بريوفوست في هذا السياق إننا مدعوون جميعاً للعودة روحياً إلى أورشليم، مدينة السلام، حيث بطرس وأندراوس وباقي الرسل، في الأيام التالية لموت الرب وقيامته، نالوا الروح القدس يوم العنصرة، ومن هناك انطلقوا يشهدون للمسيح حتى أقاصي الأرض. في ختام كلمته إلى وفد الحجاج الكاثوليك والأرثوذكس القادمين من الولايات المتحدة، تمنى البابا لاون الرابع عشر أن تجعلنا العودة إلى جذور الإيمان نختبر عطية تعزية الله وأن تمكّننا، على غرار السامري الصالح، أن نسكب زيت العزاء وخمر السرور في قلب البشرية اليوم. |