MAP

لجنة حماية القاصرين في لقاء مع البابا: إلى الأمام في الرسالة لجنة حماية القاصرين في لقاء مع البابا: إلى الأمام في الرسالة  (@Vatican Media)

لجنة حماية القاصرين في لقاء مع البابا: إلى الأمام في الرسالة

بعد المقابلة التي جرت صباح أمس الخميس مع البابا لاوُن الرابع عشر، جدّدت اللجنة البابوية التزامها الراسخ بحماية الأطفال والقاصرين، مقدِّمةً عرضاً لمسيرتها من خلال التحديث المرتبط بتقرير عام ٢٠٢٤، الذي يتضمّن ملاحظات وتوصيات بشأن اثنين وعشرين بلداً وجماعتين رهبانيتين. وقد أعربت اللجنة عن رجائها في مواصلة الرسالة التي انطلقت عام ٢٠١٤، مؤكّدةً عزمها على مرافقة الكنيسة في مسيرتها نحو بناء ثقافة تتأسّس على المسؤولية والعدالة والشفقة.

ساعة من الحوار مع البابا لاوُن الرابع عشر: تأمّل، لقاء، وتجديد للالتزام الراسخ بحماية الأطفال والأشخاص الضعفاء: هذا ما جاء في بيان اللجنة البابوية لحماية القاصرين، والذي أعلن عن اللقاء الذي جرى صباح الخميس، الخامس من حزيران، في القصر الرسولي مع الحبر الأعظم. لحظة اتّسمت بالتأمّل والحوار، وبتجديد الالتزام الثابت الذي لا يتزعزع من قِبل الكنيسة لحماية الأطفال والفئات الضعيفة. وقد شكّل هذا اللقاء مناسبة لمواصلة المسيرة التي بدأت "بروح التواضع والرجاء"، تماشياً مع الرسالة التي أوكلها البابا فرنسيس إلى اللجنة عند إنشائها سنة ٢٠١٤، والتي تهدف إلى تطوير معايير عالمية للحماية، ومرافقة الكنيسة في بناء ثقافة تتأسّس على المسؤولية والعدالة والشفقة.

وقد تمّت الإشارة في البيان، إلى ما تم تحقيقه خلال العامين المنصرمين، من خلال إطلاق "مسار شامل لوضع مجموعة من الإرشادات العالمية" من أجل حماية الأشخاص، جرى إعدادها "بتشاور وثيق مع قادة الكنيسة، وخبراء الحماية، والناجين من الانتهاكات، والعاملين الرعويين في مختلف أنحاء العالم". وقد تمثّل هذا الجهد في مسار "سينودسي" أفضى إلى إعداد مسودة لإطار عمل أُخضعت للاختبار والتطوير من خلال برامج رائدة نُفّذت في كل من تونغا، وبولندا، وزيمبابوي، وكوستاريكا، وقد زوّدت هذه التجارب اللجنة برؤى ثمينة تتعلّق بالأبعاد العملية والثقافية واللاهوتية لعملية الحماية. وتُعدّ هذه الإرشادات – كما ورد في البيان – "عميقة على الصعيد اللاهوتي، ومتجذّرة في الكتاب المقدّس، والتعليم الاجتماعي الكاثوليكي، وتعليم البابا بندكتس السادس عشر والبابا فرنسيس، وكذلك البابا لاوُن الرابع عشر"، وتهدف إلى إحداث "ارتداد حقيقي للقلب"، وللمي لا تكون الحماية مجرد واجب مفروض، بل انعكاساً حقيقياً لدعوة الإنجيل إلى حماية الأخيرين بيننا.

وقد اطّلع البابا أيضاً على التقدّم الذي تمّ إحرازه في إطار مبادرة  "Memorare"، التي استُلهم اسمها من صلاة قديمة موجَّهة إلى الطوباويّة مريم العذراء. وتُعدّ هذه المبادرة برنامجاً تنمية صُمّم خصيصاً لدعم الكنائس المحليّة، ولا سيّما في بلدان الجنوب، في جهودها الرامية إلى حماية القاصرين والعناية بضحايا الاعتداءات. وتقدّم جوابًا رعويًّا وعمليًّا لنداء البابا فرنسيس بأن تصبح كلّ كنيسة محليّة “المكان الأكثر أماناً على الإطلاق”. وبدعم مالي من مجالس الأساقفة، تقوم مبادرة "Memorare"، بعملها من خلال أربعة أعمدة أساسيّة: إنشاء بنية تحتية للحماية: من خلال مكاتب محلية تُعنى بتقديم الدعم للضحايا، وتؤمّن آليات واضحة لتقديم الشكاوى، وتوفّر إمكانية الوصول إلى خدمات قانونيّة، ونفسيّة، ورعويّة؛ الوقاية من خلال التربية: عبر توفير التنشئة والمرافقة لتنفيذ بروتوكولات تضمن بيئة آمنة، وتُعزّز ثقافة المعاملة الحسنة والاحترام المتبادل؛ التعاون العالمي: من خلال بناء شبكات عابرة للقارات لتبادل المعرفة، وتنسيق الجهود المشتركة، انطلاقاً من المبدأ الذي يقول: "كنيسة واحدة لحماية القاصرين"؛ التواصل الاستراتيجي: بما يمكّن الكنائس المحلية من التواصل بشكل فعّال، وتعزيز ثقافة الحماية، ويُرسّخ مبدأ الشفافية.

وقد أطلعت اللجنة البابوية البابا على تطوّر التقرير السنوي وتأثيره، وهو التقرير الذي اقترحه البابا فرنسيس للمرة الأولى عام ٢٠٢٢، ويهدف إلى تقييم قدرة الكنائس المحلية على حماية القاصرين، من خلال تقديم توصيات عملية تستند إلى الواقع المعاش في كل منطقة. كذلك يركّز تقرير هذا العام على مفهوم "عدالة الارتداد" من خلال منظور التعويضات، ويضم دراسة راعوية ولاهوتية شاملة، إلى جانب جمع بيانات حول الممارسات الحالية للتعويض داخل الكنيسة الجامعة. كما يجري حالياً إعداد دليل إرشادي جديد حول آلية التعويض، مستوحى من الخبرات المؤلمة التي عاشها الضحايا والناجون، ليكون مرجعاً يوجّه الكنائس المحلية نحو استجابات تتسم بالعدالة والشفقة.

وقد تميّز التقرير هذا العام بعدة تحسينات منهجية، منها توسيع نطاق مجموعات النقاش الخاصة بالضحايا والناجين، بما يتيح مشاركة مباشرة من ناجين من جميع المناطق الأربع التي تغطيها اللجنة. وتستند البيانات المتعلقة بوضع الكنيسة على الصعيد الوطني أيضاً إلى عملية مراجعة لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، في إطار السعي المتواصل لتعزيز الشفافية من خلال الاعتماد على مصادر خارجية. وأكّدت اللجنة كذلك على تعاونها المستمر مع شركائها في منظومة الأمم المتحدة من أجل تحسين الوصول إلى بيانات موثوقة حول انتشار الانتهاكات، داعيةً سائر المؤسسات، سواء داخل الكنيسة أو خارجها، إلى الاستثمار في بناء منظومات بيانات أكثر دقة، بما يضمن أن تكون الإجراءات المستقبلية قائمة على معطيات واقعية وأسس علمية راسخة.

يتضمّن تقرير هذا العام مراجعات وملاحظات تتعلّق بـ اثنين وعشرين بلداً ورُهبانيتين، ويُبرز التوجّهات والتحديات الإقليمية، كما يشمل تقييماً مؤسّساتياً لدائرة البشارة. أما القسم الأخير، فهو مخصّص للمنهجية الأوّلية التي اعتمدتها اللجنة في مراجعة الحركات العلمانية، والتي تمّ اختبارها بالتعاون مع دائرة العلمانيين والعائلة والحياة، وتتضمّن أولى نتائج مراجعة حركة الفوكولاري. وخلال اللقاء مع الحبر الأعظم، جدّدت اللجنة تأكيدها على التزامها بالوحدة والمجمعيّة بين أعضائها. وقد أُرفقت بهذه المناسبة رسالة موقّعة من جميع الأعضاء عقب الجمعية العامة التي عُقدت في آذار ٢٠٢٥، أكّدوا فيها على ضرورة الحفاظ على استمرارية الرسالة، وثبات الحوكمة، وثقة المنهجية المعتمدة، مشدّدين في الوقت عينه على استقلالية اللجنة ودورها كمستشار موثوق لدى الأب الأقدس.

وقد عبّرت اللجنة في بيانها عن امتنانها للدوائر الفاتيكانية لتنامي روح التعاون في هذه الخدمة الحيوية. وتتطلّع اللجنة إلى عرض النسخة النهائية من "الإطار التوجيهي للمعايير العالمية للحماية" على البابا لاوُن الرابع عشر قبل نهاية هذا العام. وفي غضون ذلك تجدّد اللجنة التزامها بالاصغاء، والسير مع الضحايا والناجين، ومرافقة كل جماعة كنسيّة في جهودها الرامية إلى حماية شعب الله بأسره بروح من الشفقة والتضامن العميق.

05 يونيو 2025, 13:00