MAP

مقابلة مع المرسل الإيطالي في جنوب السودان فدريكو غاندولفي مقابلة مع المرسل الإيطالي في جنوب السودان فدريكو غاندولفي  (AFP or licensors)

مقابلة مع المرسل الإيطالي في جنوب السودان فدريكو غاندولفي

وسط تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في جنوب السودان أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع المرسل الإيطالي فدريكو غاندولفي الذي قدّم صورة عن الواقع المأساوي الراهن في بلاد يطالب شعبها بالعدالة والحوار وبمستقبل كريم. وقال إن جنوب السودان ما يزال، وللأسف، بعيداً كل البعد عن السلام الذي يتحدث عنه البابا لاون الرابع عشر.

يفتقر جنوب السودان إلى الأسس التي يمكن أن تحقق السلام المنشود والذي يحتاج إليه الشعب، علما أن المواطنين لم يختبروا يوماً السلام الحقيقي المرتكز إلى العدالة والحوار. هذا ما أكده المرسل الإيطالي فدريكو غاندولفي الذي هو شاهد على الواقع المأساوي الراهن في بلد يعاني من الحرب والنزعات القبلية ويفتقر إلى الحس بالانتماء الوطني، ويعيش حالة من البؤس لا مثيل لها في العالم. الأب غاندولفي يعمل كمرسل في جنوب السودان منذ العام ٢٠١٥، وكانت البلاد قد أبصرت النور، قبل أربع سنوات، عندما استقلت عن السودان، وهي تُعتبر اليوم من أفقر دول العالم.

ولفت المرسل الإيطالي إلى نداءات البابا لاون الرابع عشر الأخيرة لصالح السلام، الذي ينبغي أن يكون منزوع السلاح ويقود إلى نزع السلاح، وهذا ما قاله البابا بريفوست، في أعقاب انتخابه في الثامن من أيار مايو الجاري. أشار غاندولفي إلى أن جنوب السودان لم يعرف إطلاقاً هذا السلام، مسلطاً أيضا الضوء على النداءات العديدة التي أطلقها البابا الراحل فرنسيس من أجل السلام، وأكد أيضا أنه وراء كل حرب يوجد الاتجار بالأسلحة.

تابع الكاهن الإيطالي حديثه لموقعنا الإلكتروني موضحا أنه تم التوصل، في العام ٢٠١٨، إلى اتفاق وضع حداً للصراع الذي اندلع في العام ٢٠١٣، بيد أن هذا الاتفاق ما يزال هشا. كما أن سراب السلام معرضٌ للخطر بسبب المصادمات العرقية والسياسية التي شهدتها البلاد في الأشهر الماضية، وبالتحديد بين القوات النظامية ومجموعات مسلحة. وأوضح أن أعمال العنف هذه ساهمت في تفاقم الأوضاع الصحية، وسط تسجيل عشرات الآلاف من الإصابات بداء الكوليرا والتهاب الكبد والجدري، وغيرها من الأمراض شأن الملاريا والالتهاب الرئوي.

وأضاف أن أعمال العنف والأزمات الإنسانية والصحية، فضلا عن انعدام الأمن الغذائي والأوضاع المناخية الصعبة، كلها عناصر تحول دون حصول المواطنين على الخدمات الأساسية، كالطعام والمياه والتعليم والرعاية الصحية. هذا وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" التي تعرضت إحدى منشآتها لغارة جوية في الثالث من الجاري، قد نددت بازدياد الهجمات ضد المرافق الصحية، لاسيما في وقت تفتقر فيه البلاد إلى المراكز والوسائل الصحية اللازمة إزاء ارتفاع أعداد المهجرين بسبب الحرب.  

مضى المرسل الإيطالي يقول إنه لا تتوفر اليوم في جنوب السودان الشروط المطلوبة لإطلاق عملية سلمية يمكن أن توفر حياة كريمة لملايين السكان، وقد حملت الظروف المواطنين على الاستسلام للوضع الراهن. وأضاف أن العديد من الشبان، ومن بينهم قاصرون، يتم تجنيدهم في صفوف المجموعات المسلحة، كما أن النساء والصغار يُشكلون النسبة الأكبر من ضحايا الصراع.  

ولفت غاندولفي، الذي أمضى سنوات عدة في العاصمة جوبا قبل أن ينتقل إلى مدينة واو في ولاية بحر الغزال الغربية، لفت إلى أنه شاهد عن الصعوبات اليومية التي يعيشها المواطنون، موضحا أن خمسة وتسعين بالمائة من السكان يعتاشون على الزراعة، لكن عندما تتعرض القرى للهجمات من قبل القوات الحكومية أو الميليشيات يقوم الجنود بنهب كل شيء بما في ذلك المحاصيل الزراعية التي يجمعها السكان بعرق الجنين. وما يزيد الطين بلة، ختم المرسل الإيطالي يقول، الفيضانات التي تدمر مناطق تضررت نتيجة الحرب. وفي بعض الأحيان تبقى المياه لفترات طويلة ما يجعل الحياة مستحيلة في تلك المناطق.

19 مايو 2025, 10:42